هناك مصطلح انجليزي يقول GOOD RIDDANCE، ويعني بالعربية الفصحى «إلى حيث ألقت». هذا ماخطر على بالي بعد أن غادر توني بلير منصبه كرئيس لوزراء بريطانيا. جاء بلير إلى هذا المنصب كأصغر رئيس وزراء، وغادره كواحد من أكثرهم مراوغة وخداعاً. بدأ عهده كرجل جريء وشاب متوهج، ثم أنهاه كسياسي تابع يردد مايقوله رئيس آخر، ويقلده حتى في اختيار لون ربطة عنقه.
وقد أساء الرجل إلى بريطانيا بمثل ما أساء إلى العالم كله، وخاصة المسلمين والعرب. كرر بلير أكـاذيب الإدارة الأمريكية في أسباب غزو العراق وتدميره. ثم تراجع عنها، وبدلها كما يبدل قميصه ليخترع أكاذيب جديدة في كل مرةَ، توحى إليه من علياء واشنطن. وتحول في النهاية إلى مجرد صدى لصوت البيت الأبيض. وفي كل مرة لا يصدقه شعبه بل يزداد سخطاً عليه، وهو لا يبالي. بل يقال إنه هو الذي أوعز إلى واشنطن بالكذبة الكبرى عن محاولات النظام العراقي السابق لشراء ما يسمى بالكعكة الصفراء (يورانيوم مخصب) من دولة النيجر.
حرب العراق قضت على بلير تاريخياً وسياسياً وأفقدته مصداقيته، وبقي هو ينكر ويكابر، ويلوم أجهزة الإعلام على فشله. فشل السيد بلير في معظم سياساته الخارجية، ولم يستطع أن يكتسب ثقة العالم وصداقته، ولا ثقة أوروبا، بل ولا ثقة الشعب البريطاني الذي طالبه في النهاية بالاستقالة. كل ذلك كان بسبب سيره كالظل خلف صديقه عبر الأطلنطي، وانصياعه الأعمى لتعليمات البيت الأبيض. ضحى بكل شيء في سبيل أن يبقى في دائرة ظل صديقه بوش وأن يحوز على بركاته ورضاه. وفي النهاية، نفد صبر الشعب البريطاني، ونفد صبر حزبه (العمال)، وأخذ الكل يطالبه بالإسراع في المغادرة إلى أن رضخ أخيراً.
لو كان بلير قد كذب، ثم تحجج بعدها بنقص المعلومات أو خطأ جهاز الاستخبارات (كما فعل صديقه) لكان من الممكن إيجاد شيء من العذر له. ولكنه بكل عناد أصر على الكذب، إلى أن تعب وصرح على استحياء أنه قد اتضح له أن هناك بعض الأخطاء ارتكبت في غزو العراق. ولكنه بقي إلى آخر لحظة يحاول إقناع العالم بأن نجاح الحملة في التخلص من صدام حسين يبرر غزو العراق وكل ماحدث ويحدث الآن من قتل ودمار.
لم يتحسن وضع المواطن البريطاني الاجتماعي والاقتصادي خلال عهده، بل على العكس من ذلك تدهورت أموره النفسية والمعيشية كما أتضح من استطلاعات الرأي المختلفة في بريطانيا، بالرغم من النجاح الذي تحقق في قضية إيرلاندا الأزلية.
خالف السيد بلير معظم السياسات الأوروبية، وتجاهلها في سبيل إظهار الولاء لصديقه. وبإتباعه لسياسة بوش أثناء حرب لبنان وإسرائيل الأخيرة، وبمباركته للتدمير الإسرائيلي لبيروت والضاحية في لبنان، وسكوته عن استخدام إسرائيل الأسلحة المحظورة في الحروب في تلك المعارك، واعتراضه على وقف إطلاق النار ووقف الدمار وسفك الدماء ظناً منه أن الوقت يسير في صالح إسرائيل إلى أن ثبت العكس، فقد بلير ما بقي له من احترام على كل الأصعدة.
يرحل السيد بلير غير مأسوف عليه، ودون أن يترحم أحد على أيامه، بل تصاحبه زفرات الخلاص، وربما كان عليه أن يقضي بقية حياته في ظل مزرعة مشهورة بولاية تكساس، أو في وظيفة يوفرها له كفيله عبر الأطلنطي.
وهذا ماحدث بالفعل، فبعد أن خرج بلير من الباب عاد إلينا من النافذة، مبعوث اللجنة الرباعية في الشرق الأوسط. لم ترحب به جامعة الدول العربية لأسباب واضحة.
فكيف يمكن لرجل حرب، ساهم في دق طبول الحرب وشارك في سفك الدماء والتدمير في أربع دول إسلامية منها ثلاث دول عربية، أن يحقن الدماء ويحقق السلام في فلسطين، كيف؟ هذا هو (نصف) أسعد يوم في حياة العالم، وسوف تكتمل سعادة العالم برحيل النصف الاخر، بعد عام ونصف على وجه التقريب.
وقد أساء الرجل إلى بريطانيا بمثل ما أساء إلى العالم كله، وخاصة المسلمين والعرب. كرر بلير أكـاذيب الإدارة الأمريكية في أسباب غزو العراق وتدميره. ثم تراجع عنها، وبدلها كما يبدل قميصه ليخترع أكاذيب جديدة في كل مرةَ، توحى إليه من علياء واشنطن. وتحول في النهاية إلى مجرد صدى لصوت البيت الأبيض. وفي كل مرة لا يصدقه شعبه بل يزداد سخطاً عليه، وهو لا يبالي. بل يقال إنه هو الذي أوعز إلى واشنطن بالكذبة الكبرى عن محاولات النظام العراقي السابق لشراء ما يسمى بالكعكة الصفراء (يورانيوم مخصب) من دولة النيجر.
حرب العراق قضت على بلير تاريخياً وسياسياً وأفقدته مصداقيته، وبقي هو ينكر ويكابر، ويلوم أجهزة الإعلام على فشله. فشل السيد بلير في معظم سياساته الخارجية، ولم يستطع أن يكتسب ثقة العالم وصداقته، ولا ثقة أوروبا، بل ولا ثقة الشعب البريطاني الذي طالبه في النهاية بالاستقالة. كل ذلك كان بسبب سيره كالظل خلف صديقه عبر الأطلنطي، وانصياعه الأعمى لتعليمات البيت الأبيض. ضحى بكل شيء في سبيل أن يبقى في دائرة ظل صديقه بوش وأن يحوز على بركاته ورضاه. وفي النهاية، نفد صبر الشعب البريطاني، ونفد صبر حزبه (العمال)، وأخذ الكل يطالبه بالإسراع في المغادرة إلى أن رضخ أخيراً.
لو كان بلير قد كذب، ثم تحجج بعدها بنقص المعلومات أو خطأ جهاز الاستخبارات (كما فعل صديقه) لكان من الممكن إيجاد شيء من العذر له. ولكنه بكل عناد أصر على الكذب، إلى أن تعب وصرح على استحياء أنه قد اتضح له أن هناك بعض الأخطاء ارتكبت في غزو العراق. ولكنه بقي إلى آخر لحظة يحاول إقناع العالم بأن نجاح الحملة في التخلص من صدام حسين يبرر غزو العراق وكل ماحدث ويحدث الآن من قتل ودمار.
لم يتحسن وضع المواطن البريطاني الاجتماعي والاقتصادي خلال عهده، بل على العكس من ذلك تدهورت أموره النفسية والمعيشية كما أتضح من استطلاعات الرأي المختلفة في بريطانيا، بالرغم من النجاح الذي تحقق في قضية إيرلاندا الأزلية.
خالف السيد بلير معظم السياسات الأوروبية، وتجاهلها في سبيل إظهار الولاء لصديقه. وبإتباعه لسياسة بوش أثناء حرب لبنان وإسرائيل الأخيرة، وبمباركته للتدمير الإسرائيلي لبيروت والضاحية في لبنان، وسكوته عن استخدام إسرائيل الأسلحة المحظورة في الحروب في تلك المعارك، واعتراضه على وقف إطلاق النار ووقف الدمار وسفك الدماء ظناً منه أن الوقت يسير في صالح إسرائيل إلى أن ثبت العكس، فقد بلير ما بقي له من احترام على كل الأصعدة.
يرحل السيد بلير غير مأسوف عليه، ودون أن يترحم أحد على أيامه، بل تصاحبه زفرات الخلاص، وربما كان عليه أن يقضي بقية حياته في ظل مزرعة مشهورة بولاية تكساس، أو في وظيفة يوفرها له كفيله عبر الأطلنطي.
وهذا ماحدث بالفعل، فبعد أن خرج بلير من الباب عاد إلينا من النافذة، مبعوث اللجنة الرباعية في الشرق الأوسط. لم ترحب به جامعة الدول العربية لأسباب واضحة.
فكيف يمكن لرجل حرب، ساهم في دق طبول الحرب وشارك في سفك الدماء والتدمير في أربع دول إسلامية منها ثلاث دول عربية، أن يحقن الدماء ويحقق السلام في فلسطين، كيف؟ هذا هو (نصف) أسعد يوم في حياة العالم، وسوف تكتمل سعادة العالم برحيل النصف الاخر، بعد عام ونصف على وجه التقريب.